الأبيض: لوبي التبغ قوي جدًا في لبنان ولدينا عمل هائل لتعزيز الوقاية
اطلقت اللجنة المكلفة تطبيق الخطة الوطنية لمكافحة السرطان في وزارة الصحة العامة، بالتعاون مع وزارة التربية الوطنية ومنظمة الصحة العالمية وجمعيات معنية بالتوعية حول السرطان “الحملة الوطنية للتوعية ضد السرطان”، برعاية وحضور وزيري الصحة العامة في حكومة تصريف الاعمال الدكتور فراس الأبيض والتربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الاعمال الدكتور عباس الحلبي، وذلك بهدف التوعية على أساليب الوقاية من السرطان وأهمية التشخيص المبكر لضمان فعالية العلاج بعدما أظهرت قاعدة المعلومات زيادة معدلات الإصابة بأمراض السرطان في لبنان وضعف اعتماد أساليب الوقاية وزيادة تكلفة الرعاية للمرضى. وتنطلق الحملة بخطوتها الأولى بالتوعية حول مخاطر التدخين بجميع أنواعه كونه يحتل موقعًا متقدمًا في العوامل المسببة للمرض، وستتوجه التوعية في المدارس للطلاب لتحذيرهم من هذه الآفة، في وقت يعتبر اللبنانيون من أكثر شعوب المنطقة استخدامًا للسجائر والنرجيلة.
حضر حفل الإطلاق الذي اقيم في فندق الهيلتون ممثل منظمة الصحة العالمية في لبنان الدكتور عبد الناصر أبو بكر وأعضاء اللجنة الإستشارية للخطة الوطنية للسرطان وشخصيات نقابية وممثلون عن جمعيات لبنانية معنية بالتوعية حول السرطان وعدد من مدراء المدارس وممثلي شركات أدوية.
بدأ الحفل بعرض عام قدمه رئيس اللجنة المكلفة بمتابعة تطبيق الخطة الوطنية لمكافحة السرطان الدكتور عرفات الطفيلي الذي أوضح ما تتضمنه الخطة من إجراءات محددة ومستدامة في القطاعين العام والخاص، وهي إجراءات تراعي الأولويات والموارد المتاحة بأكثر الطرق فعالية من حيث التكلفة. كما لفت إلى أن الخطة تعزز المساواة وإمكانية الوصول إلى خدمات صحية للجميع وتعتمد مبادئ الجودة والأسس العلمية في تقديم الرعاية.
ثم تحدث ممثل منظمة الصحة العالمية في لبنان، فأشار إلى أن المسح الأخير للصحة المدرسية في لبنان أظهر أن واحدا من ثلاثة تلامذة يعاني من الوزن الزائد أو السمنة وأن أربع عشرة في المئة فقط من التلامذة ينشطون لمدة ستين دقيقة يوميًا وحوالى سبعة عشر في المئة فقط يشاركون في التربية البدنية في المدرسة. كما أن العادات الغذائية السيئة هي الطاغية لدى التلامذة الذكور، في حين أن أقل من خمسين في المئة من التلامذة يتلقون تعليمًا حول الغذاء الصحي. كذلك فإن طلابًا تحدثوا عن التدخين وشرب الكحول قبل بلوغهم أربعة عشر عامًا فيما يستخدم ثلث الطلاب منتجات التبغ غير السجائر ويستخدم خمسة في المئة منهم شكلا جديدا من التبغ يعرف بإسم المدواخ. إضافة إلى ذلك يظهر المسح أن اثني عشر في المئة من الطلاب يشعرون بالوحدة في غالبية الأوقات أو دائمًا، و13.5% فكروا بجدية في الإنتحار و9.7% حاولوا الإنتحار بالفعل مرة واحدة أو أكثر.
وحيال ذلك، شدد أبو بكر على أهمية اكتساب السلوك الجيد في عمر مبكر من أجل الحصول على أجيال تتمتع بصحة جيدة وتتفادى الإصابة بمخاطر السرطان، ونوه في هذا المجال بالحملة الوطنية التي تطلقها وزارتا الصحة والتربية اليوم بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية. وأكد استمرار المنظمة بدعمها النشط والمستدام لوزارة الصحة العامة والخطة الوطنية للسرطان مؤكدًا أهمية الوقاية والتشخيص المبكر في هذا المجال.
بعدها أدلى الأستاذ بول عواد بشهادته الخاصة حول إصابته بمرض السرطان، نتيجة إفراطه في التدخين. وأكد أهمية التوعية في المدارس، كي لا يبدأ الأولاد بالتدخين في عمر مبكر فيصبحون مدمنين ويصعب بعدها توقفهم عن التدخين.
بدوره، تحدث الرياضي اللبناني مكسيم شعيا عن دور الرياضة الحيوي والإيجابي في حياته وأهمية ممارسة النشاط الرياضي في الوقاية من السرطان وغيره من الأمراض أيضا.
ثم قدم رئيس قسم التغذية وعلوم الغذاء في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور عمر عبيد عرضًا تقنيًا حول ضرورة اعتماد نمط حياة صحي للوقاية من السرطان. وحدد العوامل المسببة لمرض السرطان بثلاثة محاور: عوامل النظام الغذائي/ نمط الحياة، العوامل البيئية مثل تلوث الطعام والفيروسات والإشعاعات فوق البنفسجية، والعوامل المضيفة مثل العوامل الوراثية والجينية.
أما للوقاية من السرطان فيتوجب التالي: الحفاظ على وزن صحي، زيادة النشاط البدني، واعتماد نظام غذائي غني بالحبوب الكاملة والخضروات والفواكه التي توفر العديد من العناصر الغذائية والألياف المساعدة على حماية الجسم من سرطان القولون والمستقيم. في المقابل شدد الدكتور عبيد على ضرورة تقليل استهلاك الوجبات السريعة والأطعمة المصنعة والحلويات كما تقليل استهلاك اللحوم الحمراء واللحوم المصنعة إضافة إلى المشروبات المحلاة بالسكر والمشروبات الكحولية التي تحتوي على الكثير من السعرات الحرارية والمواد الحافظة التي تؤدي إلى زيادة الوزن وتسبب السرطان عن طريق مقاومة الأنسولين؛ كذلك لفت إلى أهمية عدم استخدام المكملات الغذائية للوقاية من السرطان حيث لا أدلة على أن هذه المكملات يمكن أن تمنع الإصابة بالسرطان وينبغي وصفها فقط للأشخاص الذين يعانون نقصًا في عناصر غذائية محددة.
ودعا إلى اعتماد حمية البحر المتوسط التي ترتكز على تناول الحبوب الكاملة والخضروات والفواكه والمكسرات النيئة وزيت الزيتون بشكل يومي، ثمار البحر عدة مرات في الأسبوع، مشتقات الألبان والبيض مرة أسبوعيًا، واللحوم الحمراء والحلويات في المناسبات وبكميات صغيرة.
طاولة مستديرة حول تشخيص السرطان وبرنامج تربوي في المدارس
بعدها، كانت طاولة مستديرة حول أهمية التوعية والوقاية والكشف المبكر شارك فيها الإختصاصية في طب العائلة في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت الدكتورة مايا روماني ورئيس قسم أمراض الدم والأورام في مستشفى أوتيل ديو الجامعي الدكتور جوزف قطان واختصاصية أشعة تصوير الثدي في قسم الأشعة في مستشفى جبل لبنان الدكتورة جنان سلابا، وأدارها عضو اللجنة المكلفة بمتابعة تطبيق الخطة الوطنية لمكافحة السرطان الدكتور فادي الكرك.
تلى ذلك شرح قدمه الدكتور عرفات الطفيلي لجوانب الحملة التوعوية المقرر إطلاقها في المدارس.
بعد ذلك، عرضت مستشارة العلاقات العامة في Cedars Art Production مريم عيد شريطي فيديو توعويين ضد التدخين سيتم عرضهما على مواقع التواصل الإجتماعي وشاشات التلفزة، الأول يحفز الأهل على أن يكونوا قدوة لأولادهم في اعتماد نمط حياة صحي خصوصًا أن الإحصاءات أظهرت أن عدد كبيرًا من الأولاد المدخنين أخذوا هذه العادة من العائلة، والثاني سيتم توزيعه على المدارس بالتنسيق مع وزارة التربية لتوعية الأولاد على مخاطر التدخين وتأثيره السلبي الكبير على صحتهم الجسدية والنفسية كلما تقدموا في العمر.
بعد ذلك، تحدث وزير التربية فلفت إلى أن نتائج البحوث العلمية والدراسات ونصائح الأطباء المتخصصين تؤكد ان الوقاية هي أقصر السبل للمحافظة على الصحة وان التوعية والمعرفة المبكرة عن مرض السرطان ترفع نسب الشفاء .وانطلاقا من هذه الثوابت نوه بأهمية اللقاء الهادف إلى تسليط الضوء على الدور المحوري للتعليم في مكافحة السرطان، مؤكدا التعاون مع وزارة الصحة العامة ولجنة تنفيذ الخطة الوطنية لمكافحة السرطان والقيمين على الحملة الوطنية للتوعية حول مرض السرطان، وذلك عبر تعزيز برنامج الصحة المدرسية.
وقال الحلبي: “إن هذا التعاون يعتبر بمثابة خطوة حاسمة، تعكس عزمنا على المضي قدما في التزامنا الجماعي، برفع مستوى الوعي حول مرض السرطان داخل المؤسسات التعليمية. إن برنامج الصحة المدرسية، هو الركيزة الأساسية لتعزيز الصحة العامة لطلابنا، ولغرس العادات الصحية السليمة، وزيادة الوعي حول القضايا الصحية الحاسمة. وإدراكًا لخطورة مرض السرطان باعتباره مصدر قلق للصحة العامة، فإننا نتعاون لترسيخ سلوكيات صحية وغذائية صحيحة ، لتعزيز الوقاية من السرطان والكشف المبكر عليه واعتماد أنماط حياة صحية. وهذا التعاون بمثابة شهادة على التزامنا الثابت والأكيد ، بتوفير تعليم شامل لا يقتصر على نقل المعرفة الأكاديمية فحسب، بل يزود الطلاب أيضًا بالمهارات الحياتية الضرورية لصحتهم. ومن خلال التركيز على التوعية من مرض السرطان في برنامج الصحة المدرسية الذي نعتمده ، فإننا نهدف إلى غرس الشعور بالمسؤولية واليقظة لدى طلابنا، وتشجيعهم على إعطاء الأولوية لصحتهم واتخاذ خيارات لنمط حياة أكثر صحة”.
أضاف وزير التربية: “إن مناهجنا التربوية التي انجزنا إطارها الوطني والأوراق المساندة، تخصص حيزا كبيرا لموضوع الصحة المدرسية والوقاية والتوعية، كما أن المرشدين الصحيين في المدارس يسهرون على المتابعة والكشف الطبي في المدارس بالتعاون مع الشركاء والداعمين. لذا نركز في برنامج الوقاية على عدم التدخين، وعدم تعاطي الكحول ، وعلى ضرورة ممارسة الرياضة بصورة منتظمة، والتركيز على اعتماد نظام غذائي متوازن وتجنب السمنة التي اصبحت مرض العصر ، كما نشدد على الحصول على التطعيم والتحصين ضد فيروس الورم الحليمي وضد التهاب الكبد . وإننا نعمل من خلال ورشة تجديد المناهج على إدخال هذه المضامين في الدروس والأنشطة المواكبة للمناهج، لكي تصبح أساسا للسلوكيات والعادات السليمة والصحية . وإننا على اقتناع تام بأن المحافظة على صحة المجتمع تبدأ منذ الطفولة” .
وختم معربًا عن امتنانه لوزير الصحة وفريق عمل الوزارة، مؤكدًا “الالتزام بتعزيز ثقافة الصحة والرفاهية في مؤسساتنا التعليمية، لأن التلامذة يستحقون تعليمًا لا يثري عقولهم فحسب، بل يمكّنهم أيضًا من عيش حياة صحية وسليمة”.
ختامًا كلمة الوزير الأبيض الذي نوه بالشراكة الكاملة بين وزارة الصحة العامة وكل من وزارة التربية ومنظمة الصحة العالمية، والتي تشكل حجر زاوية في الاستراتيجية الوطنية للصحة التي أطلقتها الوزارة في كانون الثاني من العام الماضي تحت شعار أساسي: “درهم وقاية خير من قنطار علاج”.
وعن موضوع السرطان، لفت الوزير الأبيض إلى أن “الأزمات المتعاقبة التي حصلت في السنوات الأخيرة، والتي تركت تداعيات شديدة السلبية على قطاع الصحة، سلطت في الوقت نفسه الضوء على المشاكل الكبيرة التي يعاني منها المصابون بداء السرطان في لبنان فدخلت معاناة هذا المرض إلى كل العائلات اللبنانية حتى التي لا يعاني أي من أفرادها من هذا المرض”.
وتابع وزير الصحة: “المهم في هذا الأمر وعي خطورة الإصابة بالمرض للوقاية منه”. وقال: “إن الأرقام التي لدينا تظهر أننا مقبلون على مستقبل صعب بما يتعلق بالسرطان”.
أضاف الأبيض: “يحتل لبنان موقعًا متقدمًا في استهلاك السجائر والنرجيلة في الشرق الأوسط متجاوزًا بنقاط كثيرة بلدانًا أخرى حيث تصل نسبة الإستهلاك في لبنان إلى حوالى سبعين في المئة، فيما تراوح في أوروبا وبحسب أرقام منظمة الصحة العالمية بين عشرين وثمانية وعشرين في المئة. ويجدر التذكير في هذا المجال أن كل نرجيلة تعادل عشرين سيجارة!”.
وأردف الوزير الأبيض مشيرًا إلى أن “لبنان يقترب من احتلال الرقم واحد في العالم في الإصابة بأورام المثانة التي ترتبط بشكل أساسي بموضوع الدخان”.
وتناول وزير الصحة العامة بشكل تفصيلي مسألة الضرائب التي تفرض على استهلاك السجائر، فلاحظ أن “الدول الغنية تفرض ضرائب عالية ليس لأنها تحتاج إلى أموال بل لتضع عائقًا أمام سهولة الحصول على السجائر. أما في لبنان فإن الضريبة بالـ”سنتات” الأميركية فقط، وفي الواقع إننا نواجه في هذا المجال جبلا كبيرًا أكبر بكثير من الجبال التي اعتاد مكسيم شعيا الموجود بيننا أن يتسلقها”.
وفي هذا المجال، أسف وزير الصحة العامة “لعدم وجود وعي عند الكثيرين من المسؤولين وهو ما أظهره نقاش الموازنة حيث تم تخفيض الزيادات الضريبية على مختلف أنواع الدخان التي طلبتها الوزارة في الموازنة التي قدمتها الحكومة، كذلك يغيب الوعي عند الكثيرين من الفئات لدى الشعب اللبناني الذين يقبلون على خطر الإدمان على الدخان”.
وتابع الوزير الأبيض: “عندنا لوبي قوي جدا في لبنان مع شركات التبغ. وأنا شهدت شخصيًا هذا الأمر عندما حاولنا زيادة الضرائب حيث يقحمون الأمور الوطنية والطائفية عندما نتحدث في الموضوع. لذلك لدينا عمل هائل وكبير جدا على هذا الصعيد سنقوم به ليس فقط على مستوى الدولة بل على مستوى المجتمع لإحداث الفرق المطلوب”.
ثم تطرق وزير الصحة العامة إلى البرامج التي تنفذها الوزارة في موضوع السرطان، مشيرًا إلى أن الموازنة المخصصة للسرطان تبلغ حوالى أربعين في المئة من موازنة الوزارة من بينها أربعة عشر في المئة للعلاج والإستشفاء، وسيتيح ذلك للوزارة القدرة على مساعدة المرضى سواء بالجراحة أو علاج الأشعة.
ولفت إلى أنه في موضوع الوقاية والتشخيص المبكر ستعلن الوزارة عن حملة الـMammographie التي ستتضمن تغطية للفحوصات إضافة إلى فحوصات أخرى في مراكز الرعاية الصحية الأولية كالعنق الزجاجي، والتعاون مع مؤسسة سعيد في موضوع سرطان المستقيم المعروف بالقولون.
وتوجه الأبيض بالتحية لجميع العاملين في موضوع السرطان سواء الأطباء الذين عملوا في اللجان مجانا لتنظيم عملية الدواء وتوزيعه والبروتوكولات، أم المراكز الجامعية والجمعيات المتعددة مضيفا: “هذا واجبنا ونتشرف أننا نعمل معكم في الوزارة في هذا الموضوع المهم والمؤلم” .
وختم: “نأمل أن نحصد النتائج الطيبة بواسطة هذا الجهد الصادق الذي نبذله جميعًا، وإذا استطعنا تحقيق الجهاد الأصغر ضد السرطان نستطيع تحقيق الجهاد الأكبر في إصلاح وطننا لشفائه من الفساد والمصلحة الشخصية”.