كيف يتم اليوم استشفاء المضمونين… والجهات الضامنة عاجزة؟
المصدر: النهار
الكاتب: منال شعيا
كتبت منال شعيا في النهار:
… وبعد، بتنا في قلب الخطر المميت لا على مشارفه. بالأمس القريب، هدّدت الصيدليات بالاعتصام بعدما توقف تسليم الأدوية إليها. ثم دقّ نقيب الأطبّاء يوسف بخاش ناقوس الخطر ليقول إن 40 في المئة من المرضى لا يتلقون العلاج ولا يدخلون المستشفيات. وبين الصيدليات والأطباء، لطالما كان نقيب المستشفيات الخاصة سليمان هارون يحذر تباعاً من أننا سنصل الى حالة سيئة، لأن نصف المرضى مهدّدون بعدم تلقي العلاج… وها نحن وصلنا، لا بل وصلنا الى الأسوأ.
والسؤال: كيف يتم اليوم استشفاء المضمونين، على اختلاف أنواعهم، من مضموني الضمان الى تعاونية موظفي الدولة الى القوى الأمنية؟ كيف يتعامل هؤلاء إذا مرضوا واضطروا لدخول المستشفيات؟ أو بالأحرى كيف تتعامل معهم المستشفيات الخاصة حالياً؟
يقول هارون لـ”النهار”: “المضمون اليوم يدفع فروقات عالية. وما زاد الطين بلة الارتفاع الجنوني لأسعار الأدوية، إذ إن الضمان لا يعترف بسعر الأدوية وفق وزارة الصحة، ومن المعلوم أن أسعار الأدوية باتت جداً باهظة، ما يعني أن الفروقات أصبحت مرتفعة كثيراً”.
للميسورين فقط
بهذه البساطة، بات دخول المستشفيات الخاصة في معظمه مقتصراً على الميسورين مادياً. وهذا ما يؤكده هارون: “أصلاً، أنا سبق أن حذرت من هذا الواقع، إلا أنني لم أكن أتوقع أننا سنصل الى هذا السوء. الوضع جدّ خطير”.
مردّ هذا التردّي في الأحوال الصحّية للمرضى اللبنانيين هو عدم قدرة الجهات الضامنة، وتحديداً تعاونية موظفي الدولة والضمان الاجتماعي، على دفع الفروقات الضخمة التي تجب عليها للمستشفيات الخاصة.
إذا أردنا أن نبسّط المعادلة للرأي العام الذي بات بغالبيته يدركها، لا بل يعيشها، ولا سيما إن كان ثمة مريض في بيته، فهذه المعادلة تقول: إذا دخل مريض مستشفى خاصاً ووصلت تكلفة المستشفى مثلاً الى 9 ملايين ليرة، وإن كان مضموناً على حساب الضمان الاجتماعي، فإن الأخير يغطي مليون ليرة من الفاتورة، ويبقى على المضمون 8 ملايين ليرة. الأمر نفسه بالنسبة الى تعاونية موظفي الدولة.
يؤكد هارون صحة هذه الواقعة التي يدفع نتيجتها المضمون الفرق الكبير.
ربما وحدها الطبابة العسكرية، الى الآن، تؤمن الطبابة لأفرادها، مع فروقات أقل من الفروقات التي يدفعها المضمون المدني العادي، وتحديداً فإن مؤسسة الجيش وقوى أمن الدولة والأمن العام تغطي الفرق، ولا يتكبّد مريضها فرقاً كبيراً. أما قوى الأمن الداخلي فلا تزال أوضاعهم الصحّية صعبة، والفروقات عالية.
باختصار، إنه الواقع الصحي الذي يكاد يساوي بين الجميع من ناحية تدهوره.
وإن كانت وزارة الصحة في وضع أفضل نسبياً، نتيجة بعض الدعم الذي تتلقاه من البنك الدولي، فإن هارون لا يزال يشكك في إمكان التوصّل الى تسعيرة عادلة تراعي جميع المضمونين، أقله في المدى المنظور.
يقول: “يا للأسف، إن الجهات الضامنة غير قادرة على تغطية الكلفة الحقيقية لفاتورة الاستشفاء اليوم، نتيجة الأوضاع الصعبة التي تعانيها خزينة الدولة”.
يقول لـ”النهار: “خطورة هذه الأرقام أن عدداً كبيراً من المرضى لا يتمتعون بالقدرة المادية والمالية الكافية لتأمين الطبابة لهم. لقد وصلنا الى درجة الموت”.
وبعد، هل ثمة ما يقال؟!