تحركات مصرية وقطرية على خط “الرئاسية”
كتب منير الربيع في الجريدة:
ما يشهده لبنان من تصلّب في المواقف الداخلية يقود في معظم الأحيان إلى رفع منسوب الانقسام المذهبي والطائفي، ويدفع الساسة إلى الدخول في حالة من الجمود، خصوصاً أن أي طرف لا يبدو قادراً على تعديل موقفه أو تغييره. الجمود نفسه ينطبق على المواقف الخارجية أيضاً، في ظل ثبات الفرنسيين على معادلة المقايضة، في مقابل صمود السعوديين على رفضها. وعليه، فإن لبنان يحتاج إلى حركة داخلية تؤدي إلى دفع القوى السياسية إلى البحث عن خيارات جديدة، أو تحريك نفسها من مواقعها إلى مواقع مستحدثة، كما أن الخارج يحتاج إلى حركة من قبل طرف ثالث يسهم في توفير بعض القواسم المشتركة.
عملياً، شاركت 5 دول في اجتماع باريس للبحث في الملف اللبناني، الموقف الفرنسي معروف، والسعودي كذلك، فيما الموقف الأميركي براغماتي، ويتعاطى مع أي رئيس يتم انتخابه، من دون دخول أميركي في تفاصيل الملف اللبناني، بينما كل طرف يسعى إلى تفسير الموقف الأميركي كما يحلو له، إذ إن مؤيدي فرنجية يتمسكون بعبارة أن أميركا لا تضع «فيتو» على أحد، فيما يعتبر معارضو فرنجية أن حديث الأميركيين عن المواصفات والحاجة إلى رئيس قادر على تطبيق خطة الإنقاذ هو موقف ينسجم مع الموقف السعودي.
أما في تقدير مصادر سياسية متابعة للموقف الأميركي، فإنهم يعتبرون أن واشنطن لا يمكنها أن تمنح طهران انتصاراً سياسياً أو رئاسياً في لبنان، خصوصاً في ظل المعارك التي اندلعت قبل أيام بين القوات الأميركية والإيرانيين في شرق سورية، وكذلك في ظل التوتر الأميركي – الإيراني على خلفية الملف النووي من ناحية، وعلى خلفية انخراط إيران إلى جانب روسيا في الحرب على أوكرانيا.
أما الموقف المصري، فوفق المعلومات، تسعى مصر إلى الوصول إلى تسوية في لبنان تفادياً للفراغ ولما هو أسوأ، لأنّ الانهيار سيكون متسارعاً في المرحلة المقبلة، في اجتماع باريس كانت مصر تتعاطى بواقعية، فيما برزت معطيات بعد الاجتماع عن احتمال تحضير القاهرة لأي اجتماع بين الدول الخمس، وصولاً إلى التحضير للقاء لبناني يرعى إنجاز التسوية، ولكن لم يحصل أي جديد حول هذه الفكرة، ولم تبرز أي معطيات تشير إلى تحديد مواعيد لها، أو إمكانية تطبيقها حالياً.
في هذا السياق، برز تحرُّك لوزير الدولة القطري للشؤون الخارجية، محمد الخليفي، وهو الذي كان حاضراً وممثلاً لدولة قطر في اجتماع باريس الحماسي، إذ قام الخليفي بزيارة إلى طهران، تم خلالها البحث في مجمل تطورات المنطقة، كذلك، فإن التنسيق القطري – السعودي مستمر حول ملفات عديدة، بما فيها الملف اللبناني، وكذلك فإن قطر تتمتع بعلاقة ممتازة مع الأميركيين، مما يعني أنها في أي تحرّك يمكن أن تنطلق به ستكون قادرة على إحداث تغيير معيّن في المشهد.
في هذا السياق، تتحدث المعلومات في لبنان عن زيارة سيجريها الخليفي إلى بيروت الأسبوع المقبل للقاء المسؤولين، وإلى جانب علاقاتها مع القوى المختلفة، تتسلح قطر بتجربة سابقة مع اللبنانيين أيام اتفاق الدوحة عام 2008، وكيف عملت على توفير ظروف الاتفاق وإخراج لبنان من على مشارف حرب أهلية. من هنا يبرز تعويل داخلي وخارجي على ما يمكن لقطر أن تحدثه على الساحة اللبنانية، وعلى صعيد مواقف القوى الإقليمية والدولية المختلفة.