احترار الأرض نحو عتبة 1.5 درجة في 2024؟!
سيطرت ظاهرة “إل نينيا” على الأرض بدءاً من سنة 2020. تتجلّى هذه الظاهرة في برودة سطح المياه في شرق ووسط المحيط الهادئ بالقرب من خط الاستواء. سمحت هذه الظاهرة الدوريّة بتبريد درجات حرارة الأرض على المستوى العالميّ، لكن نسبياً. على الرغم من هذا التبريد، ظلّت سنة 2022 خامس أحرّ سنة منذ أواسط القرن التاسع عشر. هذا ما توصّلت إليه وكالة “ناسا” وخدمة التغيّر المناخيّ التابع لمركز “كوبرنيكوس” الأوروبيّ.
الآن، من المتوقّع أن تتبدّد “إل نينيا” بدءاً من آذار (مارس) لتحلّ مكانها الظاهرة المعاكسة، إل نينيو، والتي تتمثّل بارتفاع درجة حرارة المياه في المنطقة المذكورة. وغالباً ما تترافق ظاهرة “إل نينيو” مع ارتفاع درجات حرارة الأرض على المستوى العالميّ.
وفقاً لوكالة “ناسا” كانت 2016 و2020 السنتين اللتين كسرتا الرقم القياسيّ لجهة معدّل الحرارة الأعلى على كوكب الأرض منذ بدء السجلّات. وبالرغم من أنّ 2022 كانت أقلّ احتراراً من سنوات أخرى، تمّ تسجيل رقم قياسيّ آخر: حرارة سطح المحيطات كانت الأعلى على الإطلاق.
في الواقع، كانت حرارة سطح المحيطات الأعلى على الأرجح منذ ألف عام، والأسرع احتراراً منذ ألفي عام بحسب دراسة حديثة. وبما أنّ المحيطات أقلّ تأثراً من الغلاف الجوّي بالاحترار العالميّ، تؤكّد الأرقام الأخيرة أنّ ما يحدث في المحيطات هو نتيجة للتغيّر المناخيّ. لكن ماذا سيحصل لو ترك “إل نينيو” تأثيره على الكوكب بدءاً من أواسط 2023؟
يعتقد بعض العلماء أنّه يمكن رؤية رقم قياسيّ جديد هذه السنة. في تعليق إلى موقع “أكسيوس”، يقول رئيس معهد غودارد لدراسات الفضاء في “ناسا” غافين شميت: “أتوقع احتمال 15 في المئة لـ(تسجيل) رقم قياسيّ جديد في 2023. وإذا كنّا في إل نينيو بحلول نهاية 2023، (أتوقع) أنّه يكاد يكون مؤكّداً (تسجيل) رقم قياسيّ جديد في 2024”.
وقال الباحث بشؤون المناخ في شركة “سترايب” للمدفوعات زيكيه هاوسفاذر إنّ 2023 تبدو أسخن من السنوات القليلة الماضية. وتوقّع هاوسفاذر أن تترك ظاهرة “إل نينو” تأثيراً أكبر في 2024 بعد عمليّة التحوّل والتبلور في النصف الثاني من 2023، مشيراً في الوقت نفسه إلى صعوبة تقدير الأرقام.
غير أنّ مصادر أخرى تبيّن أرقاماً أكثر إثارة للقلق. يتوقّع مكتب الأرصاد الجوية في المملكة المتحدة أن يتخطّى معدّل ارتفاع درجة حرارة الأرض، بالمقارنة مع العصر ما قبل الصناعيّ عتبة 1.5 درجة مئوية في 2024.
لو صحّ هذا التوقّع فسيكون العالم قد اقترب من مرحلة الخطر. اتّفقت الدول الموقّعة على اتّفاقيّة باريس للمناخ سنة 2015 أن تبقي ارتفاع معدّل درجة الحرارة عند ما هو أدنى بكثير من زائد درجتين مئويتين، وبشكل مفضّل عند 1.5 درجة.
صحيح أنّ هذا الرقم قد يكون موقّتاً ويمكن أن يعاود الانخفاض مع تلاشي ظاهرة “إل نينيو”. لكنّ بلوغ هذه الدرجة في وقت قريب يعني أنّ التحرّك من أجل خفض الانبعاثات سيصبح أكثر إلحاحاً.
وفي أيار (مايو) 2022، قال مكتب الأرصاد الجوية إنّ ثمّة احتمالاً نسبته 50 في المئة بأن يبلغ ارتفاع الحرارة 1.5 درجة خلال السنوات الخمس المقبلة. وبلغ معدّل ارتفاع حرارة الأرض درجة مئوية واحدة سنة 2015 بالمقارنة مع عصر ما قبل الثورة الصناعية.