غير مصنف

الجامعة اللبنانية أمام خطر وجودي: امتحانات العام السابق معلّقة والجديد مجهول المصير

لم تمر الجامعة اللبنانية في تاريخها بأوضاع مشابهة في حراجتها. كليّات الجامعة عجزت عن إجراء امتحانات تنهي العام الماضي، ومصير العام الجامعي المقبل مهدّد برمّته على بعد أيام من موعده، ومعه مستقبل ثمانين ألف طالب، غالبيتهم عاجزون عن تكبّد نفقات التعليم في الجامعات الخاصة. الأزمة الماليّة أصابت الجامعة اللبنانية في الصميم، رواتب الأساتذة والإداريين إنهارت بفعل انهيار الليرة، حاولت إدارة الجامعة تسيير الأمور بالتي هي أحسن، واستمرت في التعليم عن بعد، في الكليّات غير التطبيقيّة، حتّى بعد انحسار موجة كورونا، للتخفيف من مصاريف انتقال الأساتذة والموظّفين والطلاب، لكنّ الأمور تدهورت أكثر مع تحليق الدولار، جوبه الواقع بإضرابات متقطّعة وتحركات طلابيّة، إلى أن دخل الأساتذة بإضراب مفتوح منذ منتصف تموز الماضي، بدعوة من رابطة الأساتذة المتفرغين.

لا تقتصر المشكلة على رواتب الأساتذة، فالأمور البديهيّة غير متوفرّة، لا مازوت لتشغيل مولد كهرباء يعوض انقطاع التيار الكهربائي بشكل شبه تام، المستلزمات الأخرى التجهيزية من قرطاسية وورق وغيرها غائبة أيضًا.
رئيس الجامعة:لتنفيذ المراسيم الثلاثة
وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل وقّع قبل أيام مشروعَ مرسوم يقضي بنقل اعتماد بقيمة 104.970.166.000 ل.ل. من احتياطي الموازنة العامة للقانون 295 الى موازنة وزارة التربية والتعليم العالي —الجامعة اللبنانية– المديرية العامة للتعليم العالي، لتغطية المساعدة الاجتماعية المؤقتة للعاملين في الجامعة، بكافة مسمّياتهم الوظيفيّة عن ستة أشهر من العام 2022 بدءًا من 1/1/2022، والزيادة في النقل المؤقت عن عشرة أشهر من العام 2022، مشيراً في كتاب مرفق موجّه الى رئاسة مجلس الوزراء إلى العلم بأنّ الحكومة في وضع تصريف أعمال، لاتخاذ اللازم، قبل تسيير مشروع المرسوم هذا.

لكن توقيع المرسوم وحده غير كافٍ، يلفت رئيس الجامعة اللبنانية الدكتور بسام بدران في حديث لـ “لبنان 24″، فالإعتمادات لم تُصرف بعد، ومرسوم وزير المال بحاجة إلى توقيع رئيسي الجمهورية والحكومة، ليصار بعدها إلى فتح اعتماد، يوقعه كلٌ من وزيري المال والتربية، ثم تحوّل الأموال إلى موازنة وزارة التربية، وديوان المحاسبة. هناك مرسوم آخر بقيمة 128 مليار بدل رواتب إضافيّة من كانون الثاني لغاية حزيران، وهناك 50 مليار تحفيز عن كل يوم حضور، لم يسلكا طريق التنفيذ أيضًا، نتحدث عن مساعدات أقرّتها الحكومة، ونالتها كلّ القطاعات باستثناء الجامعة اللبنانية، هذه المراسيم صدرت عن مجلس الوزراء في آخر جلسة له في أيار الماضي، ولم تنفّذ بعد. “استُنزفت” يقول بدران “منذ أسبوعين نتابع مع المراجع المعنيّة، وقبل إنجاز المراسيم الثلاثة وصرف الإعتمادات، لا مجال للنقاش مع الأساتذة حيال العودة عن الإضراب، خصوصًا أنّ الأساتذة لديهم استحقاقات مالية كدفع الأقساط المدرسيّة مع بدء العام الدراسي”.

الجهات المانحة تلتئم في 6 أيلول لأجل الجامعة
الرئيس نجيب ميقاتي يتابع ملف الجامعة، قبل حوالى عشرة أيام رأس اجتماعًا في السراي الكبير، جمعه إلى وزير التربية عباس الحلبي ورئيس الجامعة، وخلال اللقاء، أجرى ميقاتي اتصالًا بوزير المالية طالبًا منه تحويل المراسيم الثلاثة المتعلّقة بالجامعة، وكان تأكيدٌ على تسريع صرف الإعتمادات. بالتوازي كشف الحلبي عن دعوة الجهات المانحة في السادس أيلول الحالي، إلى وزارة التربية “لكي تحضر معنا بمشاركة رئيس الجامعة اللبنانية لعرض المطالب التي يمكن أن تساعدنا في مواجهة تحدي استئناف العام الدراسي الجامعي”. بدران من جهته أعدّ دراسة حدّد فيها حاجات الجامعة، ومنها تغطية كلفة التشغيل خصوصًا المحروقات لتأمين الكهرباء والإنترنت ، ومنح تأمين الأستاذة والمتعاقدين والعاملين حوافز للحضور الى مراكز عملهم وإعداد خطة نقل للطلاب. “رغم أهمية مساندة الجهات الدوليّة،على الدولة أن تتحمّل مسؤولياتها تجاه جامعتها، لاسيّما أنّ المساندة الخارجية تأخذ وقتًا” يقول رئيس الجامعة.

أزمة الجامعة اللبنانية تنحصر في الشق المالي، المتعلق بالرواتب والمصاريف التشغيليّة، يشير بدران “الأمور التشغيليّة يمكن التخفيف من وطأتها، عبر الدمج بين الحضور والتعليم عن بعد، لكن إذا كانت رواتب الأساتذة ليست كافية، ليحضروا إلى الجامعة، ما العمل؟”. حرمان الجامعة من مستحقات الـpcr في المطار، زاد الأمور تعقيدًا. والحال الذي بلغته الجامعة اللبنانية يهدد بنسف فرص تعليميّة لعدد كبير من طلابها، الذين انتقلوا إلى جامعات أخرى في الداخل والخارج لمتابعة تحصيلهم العلمي،  ولم يتمكنوا بعد من إنجاز امتحاناتهم والحصول على إفاداتهم، علمًا أنّ الجامعات الخاصة باشرت العام الجامعي.
هل ستلجأ الجامعة اللبنانية إلى دولرة الأقساط؟
يجيب دكتور بدران “ليس هناك من أقساط جامعية في الجامعة اللبنانية، بل رسم تسجيل زهيد، ولا بدّ من تعديل رسوم التسجيل، إذ لا يمكن للجامعة أن تستمر بأيّ شكل من الأشكال. فهل يعقل أن يكون رسم التسجيل لإجراء امتحانات الدخول 35 ألف ليرة؟ ورسم التسجيل السنوي للطالب 250 ألف ليرة؟ هذه الرسوم لم يعد لها أي قيمة ولا تؤمن حتّى الورق، ويجب أن تعدّل”.
الجامعة اللبنانية التي حجزت مكانًا مرموقًا في التصنيفات العالميّة، ونافست أهم الجامعات، تواجه اليوم خطر الزوال، مصير طلابها وهيئتها الإدارية والتعليمية على المحك، الوضع بغاية الخطورة، والإستمرارية بظل الظروف الراهنة تبدو مستحيلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى